مجنونة

ـ1ـ
"فافي" امرأة مجنونة!
هكذا رأيتها البارحة!
الأرقُ الفرعونيّ يتملّك عينيها..
ترفضُ أن تنام
وشعبها يتألّم..
تريد أن تحضنَ ثمانين مليوناً
كما حضنتْ طفليها.
تريدهم أن يحققوا الحلمَ الأجمل
فوهبتْهم  أحلامَها.
أرادتهم أن يعيشوا بسلام
لأن المواطنَ بلا سلام..
كلاجىء بلا وطن.
دعتهم لأن يتمسكوا بكرامتهم.
فكرامة الوطن 
من كرامة المواطن.
ـ2ـ
"فافي" امرأة مجنونة..
لا تفكّر براحتها،
بل براحة شعبها..
كنت أسألها عبر النت،
ـ كم الساعة عندك في القاهرة؟
ـ الواحدة صباحاُ..
ـ وما زلتِ مستيقظة؟
ـ وكيف لي أن أنام،
والمجرمون اعتدوا على أشقائي الأقباط..
وفجأة انقطع الحوار.. 
أين هي؟
ماذا أصابها؟
وصلتني منها رسالة موبيل تقول:
ـ أنا في طريقي لمستشفى الساحل 
حيث يرقد ضحايا الإرهاب البشع 
في انتظار قطرات دم 
ليعيشوا.
المشفى لا دماء به.. 
وأنا ذاهبة لأمنحَ الجرحى الأبرياء دمي.
أود ان يختلط الدم المسلم والدم المسيحي 
في جسد واحد 
علّه ينتج الفرح 
والمحبة 
التي غابت عن سماء مصرَ طويلا
صلّ لي"..
فكيف لي أن أصلي
والجريمة قتلتني!
ـ3ـ
الساعة الثانية صباحاً..
و"فافي" المجنونة تقف في طابور الشرفاء.
تهب ما وهبها الله من دماء.
نساءُ المسؤولين يغططنَ في نوم عميق،
وهي تطردُ النومَ من عينيها
كي تغفو أعيُنُ المظلومين. 
بربكم قولوا: مَن المجنون؟
أنا..
أم "فافي" 
أم عالمنا الطائفي التعس؟
أترك الجوابَ لكم.
**