ألملمُ دمعي

ـ1ـ
كطفلةٍ بريئةٍ
داعبها المساءْ
تصيحُ: "واااااو" مرّةً
ويا إلهي مرتينِ
إنْ أنا أهديتُها الأماكنَ
والشِّعرَ والهواءْ. 
ـ2ـ
غنجُها التجاهليُّ يؤلمني
وكأنها لم تدركْ بعد 
أنني طوّبتُ لها أستراليا
بمَن فيها 
وما فيها.
ـ3ـ
ألم تخبرْها الحواسُّ الخمسُ
أن الجبالَ الزرقاء 
والسهولَ الخضراء
انقلبتْ صحراءَ جافةً 
يومَ غادرَتْها..
وأنّى لها استرجاع اخضرارها
إلاّ بعد عودة "فافي"؟
ـ4ـ
قاسيةً كانت..
حين حملتْ حقائبها.. ورحلتْ
تاركةً وراءها حيوانات الكنغر
والكووالا والنعامات
والدجاج والطيور
تلعق جراحاً لن تندمل.
ـ5ـ
الأمكنةُ التي أحبّتها
وقبّلت، من فرحِها، 
نعلَ حذائها..
لم يزرْها سائحٌ
ولم تلوّنْها ريشة.
ـ6ـ
قاسيةً كانت "فافي"..
يوم اعتقلت سؤالاً حزيناً
أبتْ أن تُطلِقَ سراحَه:
ماذا سيحدثُ للعيونِ المبللةِ
والقلوبِ الخافقةِ
إنْ هي غابتْ؟
وكأن العيونَ والقلوب
لم تُنر قاموسَها الشعري؟.
ـ7ـ
إذا عادتْ "فافي"..
سترمي أستراليا الحجزَ عليها!
مغادرتُها لها
تعارضتْ مع أبسط حقوق الانسان
وانتهكت الفقرةَ الأولى من قانون الشعر
والشعر لا يرحم..
لا يهادن..
متى استبدّ به الاشتياق.
ـ8ـ
محامي الدفاع يفتّش عن ممسكٍ ضدها..
هديتُه إلى مواقعِها الإلكترونية الكثيرة،
فلشتْ أمامه مقالاتها،
أسمعته جميع أحاديثها المتلفزة،
وبعد عناء وسهر
سمعته يصيح: 
وجدتُها.. 
وجدتها
ـ9ـ
المحامي يهمسُ في أذني
وأنا كأبي الهول صامتٌ:
وقعتْ المدّعى عليها في فخ كلامها
سنحجزها العمرَ كله.
أبشري يا استراليا
رنّمي يا ببغاوات
واشمخي يا جبال!
ـ10ـ
المحامي يقترب مني أكثر،
يصفعني بعبارةٍ غجرية
قالتْها "فافي" دون وعي منها
نقلاً عن شاعرها شكسبير:
ـ "ما الضوءُ؟
إذا ما أمكنني رؤيةُ سيلفيا
ما الفرح؟
إذا لم تكن سيلفيا بالقرب مني"
ـ11ـ
المحامي يرقص طرباً
والأوراق تتطاير من حقيبته
وأنا 
ألملمُ 
دمعي.
**